دماء على الأسفلت.. سر زيادة حوادث الطرق الجديدة في مصر
منذ 3 أعوام وتقوم الدولة بإنشاء منظومة مُحكمة من شبكات الطرق والكباري، من أجل تخفيف الازدحام المروري وكذلك ربط المحافظات ببعضها البعض توفيرًا للوقت المُهدر في المرور، واستطاعت تحقيق تلك الأهداف بالفعل.
لكن الغريب في الأمر هو استمرار وقوع الحوادث على تلك الطرق سواء الجديدة أو القديمة، والذي ربما يشير إلى أن سبب الأزمة ليس في البنية التحتية للطرق فقط ولكن يشترك فيها العنصر البشري أيضًا، وهم السائقين.
بالأمس وقع واحد من أكثر الحوادث المروعة التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة، لكونه قضى على أرواح 17 شخص، على الطريق الصحراوي الغربي بدائرة مركز جهينة في محافظة سوهاج التي رفعت درجات الاستعداد القصوى في مستشفياتها.
ووزع المصابين على مستشفيات سوهاج، فقد استقبل المستشفى الجامعي بها 7 مصابين توفى منهم 4، بعد المصادمة بين بين سيارة ميكروباص وأخرى نقل، وبينت التحقيقات الأولية أن السبب هو السرعة الزائدة والتخطي الخاطىء لقائد الميكروباص أثناء محاولته تفادى سيارة "تريلا" أمامه.
حوادث الطرق الجديدة
لم يكن الحادث الأول فقد سبقه حادث مدخل مدينة طنطا في محافظة الغربية، والتي شهدت سقوط 10 ضحايا ما بين وفاة وإصابة، إذ أن مدخل مدينة طنطا على الطريق الزراعي يتقاطع مع الطريق الدولي لطنطا كفر الشيخ، وكانت السرعة الجنونية هي السبب الرئيسي وراء الحادث، وسبقها حادث تصادم وانقلاب بطريق الصعيد الصحراويين الشرقي والغربي في المنيا أدى إلى مصر وإصابة 61 شخصًا.
ومنذ يومين وقع حادث تصادم أتوبيس سياحي وسيارة نقل ثقيل بمدينة الضبعة، وأسفر عن مصرع شخص وارتفاع عدد المصابين إلى 44 شخصًا، بينما في مطلع يوليو الماضي لقي 8 أشخاص مصرعهم وأصيب آخرون، في حادث انقلاب حافلة على طريق أبو سمبل في محافظة أسوان.
وكان من الحوادث المروعة أيضًا التي شهدها طريق الغردقة - رأس غارب بسبب تصادم أتوبيس مع سيارة ملاكي بمنطقة جبل الزيت الواقعة شمال محافظة البحر الأحمر، ووصل عدد المصابين في الحادث إلى ٢٨ مصابًا ومصرع شخص متأثرًا بإصابته.
خبير تخطيط يوضح أسباب زيادة حوادث الطرق
يفسر الحسين حسان، خبير التنمية المستدامة و الإدارة المحلية، السبب وراء زيادة حوادث الطرق في مصر إلى الأزمات التي تعاني منها منظومة السائقين في مصر، مبينًا أن سيارات السائقين في الوقت الحالي تعد غير مؤهلة للقيادة بشكل آمن ولا يوجد عليها صيانة دورية أو تستخدم قطع غيار أصلية لأنه ليس هناك رقابة على قطع غيار السيارات.
يضيف: "نسبة من السائقين تتعاطى المواد المخدرة بشكل كبير، أولهم سائقي الإتوبيسات ثم الميكروباصات ثم التوكتوك"، مشددًا على ضرورة وجود قانون رادع يخص المرور إلى جانب التوعية المرورية لالتزام السائقين بقواعد السير والسلامة وكذلك الالتزام بأحوال الطقس.
لا بد من منع الكثافات المرورية أو سير النقل في أماكن معينة وقت الطقس السيء، موضجًا أن ذلك يمنع التكدسات على الطرق: "في أمريكا هناك طائرات تراقب حركة الشوارع والتكدسات بها، لأن الأماكن المتكدسة عرضة للحوادث بشكل أكبر، وفي النسما هناك آليات لاختيار السائقين والمعايير صعبة للغاية إلى درجة مراعاة الحالة النفسية للسائق قبل منحه الرخصة".
ومن الأسباب أيضًا بحسب الخبير هو السرعة الزائدة التي تعاني من عدم وجود ضوابط لها، مبينًا أن الردار والمخالفة ليسوا حلول فلا بد من وجود ملاحقات أمنية في وقتها لمنع السياراة من السرعة الزائدة.
ويختتم "وبالرغم من جهود الدولة إلا أن بعض الطرق والنجوع تكون على حارات ضيقة وتضم ذهاب وعودة منها طريق أرمنت الأقصر، والسيارات فيها لا تراعي المسافات الآمنة بين السيارة والآخرى"، مشددًا على ضرورة لجنة تخص السلامة والمرور وتضم أعضاء الشرطة المتخصصين لمراقبة 11 مليون سيارة منهم 5 مليون توكتوك يحتاجون إلى مراجعات تشريعية.
معدلات الحوادث في مصر
تفسير آخر تذهب إليه الأرقام والإحصائيات الرسمية، والتي تفيد أن السبب الرئيسي في وقوع الحوادث هو العنصر البشري بنسبة 75.7%، يليه العنصر الميكانيكي أو الحالة الفنية للمركبات بنسبة 17.1%، بينما العنصر البيئي أو حالة الطرق كانت أقل أسباب الحوادث بنسبة 2.9% بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العام 2018.
كما تدل الأرقام على انخفاض معدل الحوادث في مصر، وذلك بحسب النشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات عام 2021، والتي خلصت إلى تراجع الوفيات والإصابات الخاصة بحوادث الطرق.
وبلغ إجمالي عدد الإصابات 51511 إصابة عام 2021 مقابل 56789 إصابة عام 2020 بنسبة انخفاض 9.3%، وزاد عدد المتوفين إذ بلغ 7101 متوفي عام 2021 مقابل 6164 متوفي عام 2020 بنسبة ارتفاع 15.2%، بينما كانت 6722 متوفيًا في عام 2019، بنسبة تراجع 8.3%.
بينما الإصابات عام 2021 وصلت إجمالية إلى 51 ألفًا و511 ونحو56 ألفًا و789 حادثة، مقابل 79 ألفًا و904 حوادث عام 2019 بتراجع بلغت نسبته 28.9%، وتعد محافظة الدقهلية هي الأعلى في أعداد الإصابات خلال عام 2021 إذ بلغت 11630 بينما القاهرة بلغن 219 إصابة، فيما بلغت الأقصر 102 إصابة.
وعلقت مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، على حادث مصرع وإصابة 61 شخصًا بالمنيا، قائلة: "أطالب بضبط المرور على الطرق السريعة وأهمية تواجد الدوريات السريعة وانتشارها لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث".