هل ينقص أجر صلاة الفجر لمن أداها بالمنزل بسبب المطر الشديد؟
هل ينقص أجر صلاة الفجر لمن أداها في المنزل بسبب المطر الشديد؟.. أسئلة يكثر البحث عنها بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وما يعانيه خلاله المسلمون من برودة الطقس، وشدة الأمطار، وإعاقة الحركة بسبب ما تسببه في الطرقات.
صلاة الفجر في المنزل بسبب المطر الشديد
يقول الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية، إنه توجد سبعة أعذار يجوز للمسلم معها عدم أداء صلاة الجماعة فى المسجد، مضيفا أن أعذار ترك صلاة الجماعة تنقسم إلى قسمين أعذار عامة، وأعذار شخصية.
وأوضح «عاشور»، خلال البث المباشر عبر صفحة دار الإفتاء ، أن الأعذار العامة التي تمنع المسلم من أداء الجماعة ثلاثة هي: المطر الشديد، والريح القوية، والظلمة الشديدة، مستشهدا بحديث سيدنا رسول الله عندما قال أحد الصحابة- رضوان الله عليهم-: « كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، لَمْ يَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ».
وأضاف المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الأعذار الشخصية أربعة وهي: المرض الذى يحصل به للإنسان مشقة عند أدائه الصلاة بالمسجد، أو خوف من عدو أو من ظالم، أو من يدافع الأخبثين وهما الريح والبول، أو من كان فى حضرة الطعام، مستشهدا بحديث النبى –عليه الصلاة والسلام-: « لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ».
فيما قالت دار الإفتاء، إن الأصل هو وجوب إقامة الصلاة في وقتها من غير تأخير ولا تقديم؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، والجمع بين الصلوات يكون استثناءً، ولا يكون إلَّا لعذرٍ.
وبينت أن الجمع- إمَّا أن يكون جمع تقديم بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت المغرب، أو يكون جمع تأخير بين صلاتي الظهر والعصر في وقت العصر، وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء، مضيفة أن من الأعذار التي يُرخَّص الجمع بين الصلاتين بسببها: شدَّة المطر التي تُسبِّب المشقة في الذهاب إلى المسجد مع وجودها، بحيث يصعب العودة إلى الصلاة في العصر وفي العشاء مرة أخرى؛ والفقهاء مختلفون في حكم الجمع ذلك.
وذهب المالكية والحنابلة إلى جواز الجمع بين العشاءين -المغرب والعشاء- جمع تقديم، دون الظهرين (الظهر والعصر) بسبب المطر، قال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 370، ط. دار الفكر): [(و) رُخِّصَ ندبًا لمزيد المشقة (في جمع العشاءين فقط) جمعَ تقديمٍ، لا الظهرين؛ لعدم المشقة فيهما غالبًا (بكلِّ مسجدٍ) ولو مسجد غير جمعة، خلافًا لمَن خصَّه بمسجد المدينة أو به وبمسجد مكة (لمطرٍ) واقع أو مُتوقَّع (أو طينٍ مع ظلمة) للشَّهرِ لا ظلمة غيمٍ لـ(طين) فقط على المشهور (أو ظلمة) فقط اتفاقًا] اهـ.
بـ44 دعاء بعد صلاة الفجر يقضي الله حاجتك وديونك ويرزقك آخر ساعة قبل الفجر.. النبي أوصى بالاستغفار فيها لـ29 سببا يغفله كثيرون
كما قال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 7، ط. دار الكتب العلمية): [(ويجوز) الجمع (بين العشاءين لا الظهرين لمطرٍ يبل الثياب، زاد جمع: أو) يبل (النعل أو البدن، وتوجد معه مشقّة) روى البخاري بإسناده أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم "جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة"، وفعله أبو بكر وعمر وعثمان، و(لا) يباح الجمع لأجل (الظلّ) ولا لمطر خفيف لا يبلّ الثياب على المذهب؛ لعدم المشقة، (و) يجوز الجمع بين العشاءين دون الظهرين (لثلجٍ وبرد)؛ لأنهما في حكم المطر] اهـ.وأجاز الشافعية في الأظهر الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأُوْلَى منهما، وهو قول عند الحنابلة، اختاره أبو الخَطَّاب منهم.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 399، ط. المكتب الإسلامي): [يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، بعذر المطر.. وسواء عندنا قويُّ المطر وضعيفه إذا بلَّ الثَّوب] اهـ.
ثُمَّ قال بعد ذلك في "روضة الطالبين" (1/ 399-400): [إِنْ أراد الجمع في وقت الأولى، فشروطه كما تقدمت في جمع السفر، وإن أراد تأخير الأولى إلى الثانية كالسفر: لم يجز على الأظهر الجديد، ويجوز على القديم؛ فإذا جوزناه، قال العراقيون: يصلي الأُوْلَى مع الثانية، سواء اتصل المطر أو انقطع، وقال في "التهذيب": إذا انقطع قبل دخول وقت الثانية لم يجز الجمع، ويصلّي الأُوْلَى في آخر وقتها كالمسافر إذا أخَّر بنية الجمع ثم أقام قبل دخول وقت الثانية] اهـ.
كما مَنَعَ الحنفية الجمع بين الصلوات تقديمًا أو تأخيرًا في المطر والبرد، وقصروا الجمع على موطنين فقط هما: مزدلفة وعرفة، قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 55، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا جمع بين فرضين في وقت بعذر) سفر ومطر.. (إلَّا لحاجٍّ بعرفة ومزدلفة)] اهـ.
وشددت الإفتاء أن الذي نختاره للفتوى: هو ما ذهب إليه الشافعية ومَنْ وافقهم من جواز الجمع في حال المطر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأُوْلَى منهما؛ لما في "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا"، وزاد مسلم: "في غير خوفٍ ولا سفر"، قال مالك والشافعي رحمهما الله: [أرى أنَّ ذلك كان بعذر المطر]. ينظر: "شرح التلقين" للمازري (1/ 838، ط. دار الغرب)، و"كفاية النبيه" لابن الرفعة (4/ 189، ط. دار الكتب العلمية).
وثبت أيضًا أنَّ ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم كانا يجمعان بسبب المطر؛ ولأنَّ العلة هي وجود المطر سواء أكان ذلك في الليل أم في النهار؛ لكن لابد من مراعاة شروط الجمع في هذه الحالة كما نصَّ عليها الشافعية، وهي: وجود المطر في أول الصلاتين مع استمراره إلى وقت الثانية، وأن يكون المطر بما يبلّ الثياب، بمعنى أنَّه يشق الذهاب إلى المسجد مع وجوده، وأن يكون الجمع في وقت الأُوْلَى منهما جمع تقديم لا تأخير، واستحضار نية الجمع خلال الصلاة الأولى، وعند بداية الصلاة الثانية، وأن تكون صلاة الجماعة في المسجد، والموالاة؛ بألَّا يطول الفصل بينهما. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 529-533، ط. دار الكتب العلمية).
كما شددت أنه بناءً على ما سبق: فيجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت الأُوْلَى منهما بسبب المطر الشديد؛ دفعًا للمشقة والحرج، مع مراعاة الشروط السابق بيانها.
الوضوء بماء ساخن
كما بين الدكتور فتحي الفقي، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن الشخص الذي لا يستطيع أن يتوضأ بسبب سوء الطقس وبرودة المياه عليه أن يأخذ برأي بعض الفقهاء، حيث أجاز بعضهم بأن يجمع الشخص بين الصلاتين في الطقس شديد البرودة، وأثناء المطر الشديد، كما أن بعض الفقهاء قالوا بجواز أن ينادي الإمام في الأذان ويقول في الطقس السيئ والمطر «صلوا في بيوتكم».
وأوضح، في تصريحات له، أن الإسلام دين رحمة ويسر، إذ وضع حلولا للأشخاص أثناء برودة الجو، ومنها ما أجازه جمهور الحنفية وبعض العلماء بأن يجمع الشخص بين صلاتين بسبب البرد الشديد أو المطر الشديد، وذلك بأن يؤخر الصلاة في آخر وقتها، أو الأخذ برأي المالكية وهو الصلاتين المشتركتين في الوقت، إذ إن الظهر والعصر مشتركان في الوقت ويتم تأخيرهما إلى ما قبل المغرب بقليل ثم يصلي أربع ركعات ظهر وركعة عصر ثم يصلي المغرب، كما أن الشخص الذي يسبب له الوضوء مرضا يجوز له أن يتيمم، وذلك إما بتجربة منه او باستشارة طبيب مسلم.
وشدد أنه يجوز للمسلم أن يستخدم الماء الساخن في الوضوء لأن الإسلام دين يسر، مستشهدا بقول الله تعالى «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، وقال أيضا «يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ»، إذ لم يجعل الله العبادات ليعذب عباده، فالرُخص موجودة في كل عبادة من العبادات ويستحب للمسلم استخدام رخص الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.