كيف ستتأثر مصر بتراجع سعر اليورو مقابل الدولار؟
لم يشهد الدولار انهيارًا أمام اليورو منذ 20 عامًا بتراجع سعره إلى 1.0045، ليسجل أضعف مستوى له منذ ديسمبر 2002، وذلك إثر الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في ضعف الاقتصاد الأوروبي، الأمر الذي طرح تساؤلاً حول تأثر السوق المصري بأزمة أوروبا في انهيار اقتصادها وعملتها؟
قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن الدول الأوروبية تعيش أزمات اقتصادية متعددة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من بينها ارتفاع تكاليف الإنتاج نظرًا لأزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا، وذلك بعد الإعلان الروسي بوقف خط تدفق الغاز إلى أوروبا بحجة الصيانة لمدة 10 أيام وهو ما رفع مخاوف المستثمرين في التعامل مع اليورو لعدم وجود ضمانة من التزام روسيا بعودة الغاز مرة أخرى على خلفية الصراع الروسي الأوروبي حول أوكرانيا وهو ما يهدد بأزمة طاقة.
أما عن تأثير تراجع سعر اليورو على السوق المصري، كشف رشاد أنه من الوارد أن يصب ذلك في صالح السوق المصرية بانخفاض أسعار السلع المستوردة، لكن في الوقت نفسه أردف أن هذا الانخفاض لن يكون بالصورة التي يظنها البعض، وذلك للارتفاع الكبير في تكلفة إنتاج هذه السلع ببلدها المنشأ وهو السوق الأوروبي نظرًا لأزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا على خلفية الحرب.
من الناحية السلبية، أوضح رئيس المنتدى المصري للدراسات أن هذا التراجع في سعر "اليورو" يهدد بزيادة الفائدة على الدين العام نظرًا لارتفاع قيمة الدولار.
وتابع الخبير الاقتصادي أنه ينبغي على الدولة المصرية في ظل هذه التغييرات العالمية المصرفية تشديد الرقابة على السوق المحلي وعلى القطاع الخاص تحديدًا الذي قد يستغل نسبة الانخفاض في السلع المستوردة من السوق الأوروبي نتيجة أزمة اليورو معتبرًا إياها "دون وجه حق" هامشًا للربح، وبالتالي لا يشعر المواطن المصري بأي انخفاض في السلع، فعلى الدولة معاقبة كافة مستغلي الأزمات ومحاسبتهم حسابًا رادعًا.
وأوضح د.محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن النتيجة المباشرة لأزمة تراجع سعر اليورو أمام الدولار هو ارتفاع سعر السلع المستوردة نظرًا لارتفاع التكلفة الإنتاجية في السوق الأوروبية والتضخم الذي سينتج عنه في هذه السوق، والمهدد برفع البنوك المركزية للفوائد، لافتًا إلى أنه على سبيل المثال سترتفع أسعار السيارات في مصر نظرًا لاستيراد مصر العديد منها من السوق الأوروبية، موضحًا أن مصر بالأساس بلد مستورد كما أنها تستورد الكثير من السلع من أوروبا.
وأضاف السعيد أنه ينبغي على مصر حفاظًا على اقتصادها في مثل هذه الأزمات أن يكون لديها سلة من العملات ألا ينحصر تعاملها بالدولار فقط، وهو ما حدث بالفعل في بعض تعاملاتها الأخيرة مع الجانب الصيني إذ تم التعامل بالعملة الصينية "اليوان".
وتابع عميد كلية الاقتصاد كذلك أن الروشتة الاقتصادية الدائمة لمواجهة هذه الأزمات المصرفية العالمية هي تنشيط مصر للصناعة المحلية وعدم اعتمادها على الاستيراد، وبالتالي لن يتحكم حينها أي تغييرات في العملات الأجنبية على السوق المصري مُشيرًا إلى أن الانخفاض في سعر "اليورو" هذا لن يكون هو الانخفاض الأخير بل من المتوقع المزيد من الانخفاض في قيمته بالفترات القادمة إذا ما انتهت الحرب الروسية الأوكرانية.
ووصلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أعلى مستوى لها منذ مارس الماضي وقطعت روسيا تدفقات الغاز إلى أوروبا، كما أن خط أنابيب نورد ستريم الرئيسي الألماني الروسي تم إغلاقه بحجة الصيانة، ما أدى إلى دخول عمال الطاقة في النرويج في إضراب، وهدد بمزيد من القيود على الإمداد.
وقال لي جوردان روتشستر، المحلل الاستراتيجي في نومورا إن "لدينا أزمة شتوية قادمة في منطقة اليورو وأتوقع أن تظل أسعار الطاقة قوية للغاية".
كما أبلغت ألمانيا للتو عن عجز تجاري شهري نادر، في إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يلقي بثقله على الشركات المصنعة في مركز التصدير في أوروبا، وبالتالي يصبح اليورو الأضعف ضروريًا لجعل صادرات الكتلة أكثر قدرة على المنافسة.
ووفقًا لما نشرته رويترز في خبر عاجل، أن العملة الأوروبية تتعرض إلى ضغوطات بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادي في منطقة اليورو وسط أزمة الطاقة المستمرة والتوقعات برفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي (ECB) في اجتماعه المقبل في يوليو 2022.