شبح الحرب الأهلية يهدد أمريكا بعد اقتحام منزل ترامب
اقتحام جديد تشهده الولايات المتحدة الامريكية يتبعه المزيد من التحذيرات والإجراءات الأمنية خوفًا من تبعاته، في يناير العام الماضي اقتحم مؤيدو الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكونجرس الامريكي رافضين استبعاده من الرئاسة، مُشككين في نتيجة الانتخابات الرئاسية، حاملين أسلحتهم للانتقام من ممثلي الديمقراطية والعدالة، ومنذ ايام قليلة شهدت امريكا اقتحامًا آخر مفاجئًا وبالرغم من كونه مداهمة رسمية وبأمر قضائي إلا انها المرة الاولى التي يجري فيها تفتيش منزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ترامب يواجه تهمة إنتهاك قانون التجسس والعقوبة 10 سنوات سجنًا
قبل أربعة ايام فقط من واقعة اقتحام منزل ترامب، وتحديدًا في الرابع من اغسطس شهد البيت الابيض لقاءً سريًا التقى فيه الرئيس جو بايدن بمؤرخين بدافع تلقي المشورة حول كيفية معالجة الأزمات التي تواجه بلاده، وانتهى الاجتماع بتلقي بايدن تحذيرات مكثفة تشير إلى أن الولايات المتحدة الامريكية تواجه أزمة شبيهة بالتوترات التي سبقت الحرب الأهلية وفترة صعود الحركة الفاشية التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية.
كشفت صحيفة واشنطن بوست تسريبات تلك الاجتماعات السرية حيث اكد المؤرخون لبايدن انها فترة أشبه واقرب بفترة تاريخية سبقت الحرب الاهلية التي خاضتها امريكا وفترة محفوفة بالمخاطر في التاريخ السياسي واقرب إلى فترة انتخابات عام 1860 حين فاز إبراهام لينكولن بالرئاسة وأدى انتخابه إلى اندلاع الحرب الأهلية، وقتها حذر أبراهام لنكولن من أن البيت المنقسم على نفسه لا يمكن أن يستمر.
واقعة فريدة
في اليوم التالي لتحذيرات المؤرخين في البيت الابيض وقع القاضي بروس راينهارت على أمر تفتيش منزل الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ووافق على طلب المدعي العام ميريك جارلاند بالسماح بتفتيش المكتب الخاص بترامب وجميع غرف التخزين او المناطق الأخرى داخل المباني، وفي الثامن من اغسطس أعلن ترامب مداهمة منزله في منتجع «ماريلاجو» بفلوريدا من قبل عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي واصفًا امر التفتيش بسوء تصرف من الادعاء العام، وفي نفس الوقت تكتم مكتب التحقيقات الفيدرالي على اسباب عملية التفتيش لترجح التقارير الاعلامية أن البحث متعلق بوثائق سرية تتعلق بالأسلحة النووية، واكتفى تعليق المكتب الفيدرالي بتأكيد صحة الإجراءات وقرار التفتيش والحصول على إذن من المحكمة وهو ما يشير إلى إدانة ترامب في قضايا شديدة الخطورة دفعت بتفتيش منزله في سابقة لم تحدث من قبل لرئيس امريكي.
طوقت القوات الفيدرالية منزل الرئيس السابق بحوالي 20 سيارة و30 محققًا فيدراليًا، وتناقل الاعلام تحليلات متنوعة حول اسباب عملية التفتيش أغلبها اتفق على اتهام ترامب بسوء التعامل مع مستندات سرية نقلها الى منزله، وهى واقعة اشارت اليها هيئة المحفوظات الوطنية منذ فبراير الماضي وطلبت تدخل وزارة العدل لفتح تحقيق في ممارسات ترامب بسبب خرقه قوانين السجلات الرئاسية التي تم إرسائها بعد فضيحة «ووترجيت» في السبعينات والتي تمنع احتفاظ الرؤساء بالسجلات والوثائق السرية.
سري للغاية
بعد ساعات من التفتيش خرج الضباط الفيدراليون حاملين ما يقرب من 15 إلى 20 صندوقا و11 مجموعة من المستندات التي تنوعت اغلب وثائقها ما بين «سري» و «سري للغاية»، وهو الامر الذي يُعرض ترامب للتحقيقات بتهمة انتهاك قانون التجسس والاحتفاظ بوثائق سرية حيث كان من المفترض ان يتم تسليمها لتُحفظ في منشآت خاصة بالإضافة إلى تهمة عرقلة سير العدالة والتمسك بالوثائق وإزالة السجلات، وتوصف انتهاكات قانون التجسس بإيواء أو إخفاء الأشخاص، جمع أو نقل أو فقدان معلومات دفاعية، جمع أو تسليم معلومات دفاعية لمساعدة حكومة أجنبية، أو الكشف عن معلومات سرية، وتصل عقوبتها الى السجن مدة تصل الى 10 سنوات وبالطبع يتسبب في الحرمان من الترشح لمنصب رسمي.
صدرت ردود ترامب على تلك الاتهامات عبر تغريداته على السوشيال ميديا مشيرًا الى انه رفع السرية عن كل الوثائق قبل تركه منصبه ومغادرة البيت الابيض، واكد إن العملاء الفيدراليين ليسوا بحاجة للاستيلاء على الوثائق بعد رفع السرية عنها وهو ما اكده محاموه إلا أن مصادر استخباراتية اكدت ان هناك إجراءً فيدراليًا صارمًا للقيام بذلك ولا يمتلك ترامب القدرة على رفع السرية عن تلك الوثائق.
تهم عديدة
امتدت تغريدات ترامب حيث تطرق إلى الرئيس الاسبق باراك أوباما واتهمه بأخذ وثائق سرية من البيت الأبيض قائلا «ماذا حدث لحوالي 30 مليون وثيقة أخذها باراك أوباما من البيت الأبيض وانتقلت معه إلى شيكاغو ورفض إعادتها؟ وهى وثائق سرية تتعلق بالأسلحة النووية، إلا أن إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية رفضت تلك الاتهامات، ورد ترامب بتغريدة اخرى مؤكدًا أن كل ما يتعرض له هو خدعة مثل قضية الأسلحة النووية، وروسيا كانت خدعة، والمساءلات القانونية وكذلك تحقيق مولر خدعة وغيرهم.
انتهاك قانون التجسس ليس التهمة الوحيدة التي يواجهها ترامب حيث يزدحم جدوله بعدد من القضايا اهمها قضية مازالت تنظرها وزارة العدل حول تحريض ترامب لأنصاره باقتحام مقر الكونجرس في 6 يناير 2021، ويجري عقد جلسات استماع في الكونجرس حول الواقعة في إطار تحقيق رئيسي حول محاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية وتحديدا في ولاية جورجيا، وكذلك يواجه تحقيقًا جنائيًا حول اتهامه بالاحتيال التجاري لمؤسسته العائلية في نيويورك، ويؤكد المدعي العام ميريك جارلاند أن هجوم مؤيدي ترامب والجمهوريين لا مبرر له لأنه لا يوجد شخص فوق القانون وطالب بمحاسبة كل شخص مسئول جنائيًا عن محاولة قلب نتيجة الانتخابات.
هجوم وتأييد
يهاجم الجمهوريون الاحداث الاخيرة متهمين الديمقراطيين بالتخطيط المتقن للتخلص من ترامب بعد تلميحه اكثر من مرة الترشح الرسمي لانتخابات الرئاسة 2024 حيث يواجه العديد من القضايا لضمان منعه من الترشح لهذا المنصب، وتتزامن الاتهامات مع تراجع نسبة تأييد الرئيس جو بايدن إلى أقل من 40 بالمائة تبعًا للتقارير الاستقصائية، بالاضافة الى دراسة أجراها مركز بيو تشير إلى أن الأمريكيين نادرًا ما يكونوا مستقطبين ومنقسمين كما هو الحال اليوم بسبب التأثر بحالة الخلاف السياسي وأزمات الاقتصاد والخلافات العرقية وتغير المناخ وإنفاذ القانون وازدادت الامور سوءًا بعد تصاعد الاحداث فى انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2020 وتتضاعف التحذيرات التي تترقب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر القادم حيث يتوقع أن يشتعل الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين والمزيد من التعصب لمؤيدي ترامب الجمهوريين لضمان السيطرة على النسبة الاكبر بمجلس النواب.