98 % ارتفاع في الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر
98 % ارتفاع في الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر... عملت مصر جاهدة خلال السنوات القليلة الماضية على تنشيط جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لتقليل حجم الفجوة التمويلية التي تضغط على ميزان المدفوعات والتي زاد تأثيرها مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عام.
الإصلاح الاقتصادي في مصر
اتجهت مصر مؤخرًا إلى وضع استراتيجيات تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنفيذ مشروعات تنموية ضخمة لمواجهة تحديات المستقبل، كما لجأت الحكومة إلى تطوير البنية التشريعية للاستثمار الأجنبي المباشر وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي من أجل اقتصاد قومي متماسك يمكنه الصمود أمام التحديات الراهنة والمستقبلية.
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن المسار الاقتصادي لمصر آمن ومستقر، وأن الحكومة وضعت استراتيجية مرنة لاحتواء الصدمات الداخلية والخارجية، ترتكز على سياسات متوازنة؛ بما يُسهم فى امتلاك القدرة بشكل أكبر على التعامل الإيجابي مع التداعيات المتشابكة للتحديات العالمية التى أدت إلى ضغوط غير مسبوقة على موازنات الدول فى وقت بات فيه الوصول للأسواق الدولية أكثر صعوبة وكُلفة فى ظل السياسات التقييدية، وارتفاع أسعار الفائدة.
أوضح الوزير، أننا لدينا استراتيجية تمويل متنوعة تستهدف تعدد الأسواق، وأدوات التمويل، وجذب شرائح مختلفة من المستثمرين على نحو يُسهم في خفض تكلفة التمويل، لافتًا إلى أن سوق الإصدارات الحكومية شهد تنوع أدوات الدين من السندات الخضراء، ويوربوند، وساموراي، والصكوك الإسلامية السيادية.
أضاف الوزير، أننا نعمل على تعميق الإصلاحات الهيكلية لإطلاق مسار نمو مرتفع ومستدام للقطاع الخاص، من خلال تعظيم مساهماته فى النشاط الاقتصادي، وفى هذا الإطار تتبنى الحكومة العديد من المبادرات والتيسيرات والمحفزات الضريبية والجمركية؛ اتساقًا مع المسار الداعم للإنتاج فى مصر، لافتًا إلى إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تفتح آفاقًا رحبة للاستثمارات الخاصة فى مصر، وبرنامج الطروحات ويشمل ٣٢ شركة مملوكة للدولة في البورصة المصرية حتى الربع الأول من عام ٢٠٢٤.
وتابع فى لقائه مع ممثلي مؤسسات التصنيف الدولية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أننا ملتزمون بالإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية لسد الفجوة التمويلية تدريجيًا، ومضاعفة الاحتياطيات خلال الأربع سنوات المقبلة، وقد أدى الحراك التنموى غير المسبوق فى مصر إلى زيادة الناتج المحلى الإجمالي بنحو ٧ أضعاف خلال السنوات الماضية.
أوضح معيط أننا مستمرون فى سياسات ضبط واستدامة أوضاع المالية العامة، على نحو يُسهم فى الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلى، وتحقيق المستهدفات، ويمكننا من إطلاق حزم للحماية الاجتماعية لتخفيف تداعيات التباطؤ الاقتصادي على الفئات والقطاعات الأكثر احتياجًا.
أشار الوزير، إلى أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة شهدت زيادة ملحوظة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة بلغت ٩٨٪، كما حقق النمو القوى في قطاع الخدمات تحسنًا كبيرًا في توازن ميزان المدفوعات حيث سجلت إيرادات قناة السويس رقمًا قياسيًا بنحو ٢,٣ مليار دولار، بنسبة زيادة بنحو ٣٥٪ عن العام الماضي، مؤكدًا أن مؤشرات السبعة أشهر الأولى للعام المالى الحالى جاءت إيجابية أيضًا، حيث حققنا فائضًا أوليًا بنحو ٣٣,٧ مليار جنيه مقارنة بـ ١٥,٢ مليار جنيه عن نفس الفترة من العام المالي السابق، وزيادة الإيرادات الضريبية إلى نحو ١٨,٩٪ نتيجة أعمال التطوير والرقمنة التي مكنتنا من توسيع القاعدة الضريبية، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة بين المتنافسين.
قال الوزير، إن مؤشرات السنة المالية المنتهية في يونيه ٢٠٢٢، جاءت إيجابية رغم قسوة التحديات العالمية، حيث نجحنا في تحويل العجز الأولى للموازنة الذي استمر لأكثر من ٢١ سنة متتالية إلى فائض أولى بنسبة ١,٣٪ في يونيه ٢٠٢٢، وللعام الخامس على التوالي، ونستهدف ١,٤٪ خلال العام المالى الحالى، مشيرًا إلى تسجيل أعلى معدل نمو منذ عام ٢٠٠٨ بنسبة ٦,٦٪ والنزول بمعدل عجز الموازنة للناتج المحلى إلى ٦,١٪.
بنهاية العام المالى الماضى، ونستهدف خفض معدل الدين للناتج المحلى إلى ٨٠٪ عام ٢٠٢٦/ ٢٠٢٧، والحفاظ على تحقيق فائض أولى، وتسجيل معدلات نمو على المدى المتوسط تتراوح بين ٦ إلى ٧٪، وخفض متوسط عمر الدين ليتراوح في المتوسط من ٤,٥ إلى ٥ سنوات من خلال تنويع أدوات تمويل محفظة الدين.
فيما قال الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار، حسام هيبة، إن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر تجاوز خمسة مليارات دولار منذ بداية العام المالي الجاري، مشيراً إلى أن بلاده تستهدف جذب نحو عشرة مليارات دولار بنهاية العام.
وأضاف هيبة، أن هذه الأرقام تأخذ بعين الاعتبار الظروف العالمية الراهنة وتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم خلال العامين الماضيين.
أشار إلى أن عدد الرخص الذهبية التي تم منحها للمستثمرين بلغ خمس عشرة رخصة حتى الآن باستثمارات إجمالية تتجاوز مليار دولار، مشيراً إلى أن 50% من هذه الاستثمارات هي استثمارات أجنبية وأن 25% منها استثمارات مشتركة و 25% استثمارات محلية، مضيفا: أن الهيئة تدرس حالياً 43 طلباً من المستثمرين لإصدار الرخصة الذهبية.
وتابع: أن الهيئة تعمل حاليا على تعديل بعض بنود قانون الاستثمار لمنح تسهيلات أكبر في منح الرخصة الذهبية بحيث تشمل المزيد من الأنشطة والقطاعات، فضلاً عن منح حوافز ضريبية تتضمن خفض ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وحول برنامج الطروحات الحكومية قال هيبة: إن الحكومة بدأت الترويج للبرنامج قبل شهر رمضان وأن هناك اهتماماً من المستثمرين لا سيما الخليجيين بالمشاركة في هذا البرنامج، متوقعاً بدء تفعيل البرنامج خلال شهر مايو أيار المقبل، لافتا إلى ان الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد الإعلان عن الشركات التي سيتم طرحها لمستثمرين استراتيجيين أو التي سيتم طرحها في البورصة.
ووصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر خلال العام المالي الماضي (2021-2022)، إلى أعلى مستوى في 10 سنوات، بعد أن بلغت 8.9 مليار دولار، على رغم الأزمة التي تعرضت لها البلاد خلال هذه الفترة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والسلع الأولية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.
وتعد مصر الوجهة الاستثمارية الأولى للصناديق السيادية العربية، في مقدمتها الاستثمارات السعودية، والاستثمارات الإماراتية، ضمن الاستثمارات الخليجية في مصر بوجه عام، ووصلت مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، كما توزعت الاستثمارات على القطاعات المختلفة مثل الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء والسياحة والصناعة والخدمات المالية والتحول الرقمي.
حوار مع الصحافة الإيطالية.. مدبولي لصحيفة "الجورنال": لا نسعى للمنافسة مع دول المنطقة.. ولدينا خطط ضخمة لزيادة استثمارات الهيدروجين الأخضر.. ونسهل الاستثمار الأجنبي السعودية.. تباطؤ حاد في نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بنهاية 2022
وتعد مصر من أهم الأسواق الجاذبة للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة حيث وصلت إلى 4.4 مليارات دولار (طاقة الرياح والطاقة الشمسية) ضمن الاستراتيجية الوطنية للاعتماد على الطاقة النظيفة، وكان من أبرز تلك الشركات أكوا باور، تحالف سيمنس – جاميسا ومصدر وآميا باور وغيرها من الشركات الأخرى، بحسب تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار والذي صدر في سبتمبر 2022.
مركز إقليمي لتجارة الطاقة الخضراء
وتشق مصر طريقها للتحول لمركز إقليمي لتجارة الطاقة الخضراء بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية؛ حيث قامت بتوقيع 15 مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات العالمية لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، أبرز تلك المشروعات: مذكرة تفاهم مع رينيو باور الهندية باستثمارات 8 مليارات دولار ومذكرة تفاهم مع سكاتك النرويجية باستثمارات 5 مليارات دولار ومذكرة تفاهم مع شركتي “زيرو ويست” و”إي دي إف رينيوابلز" باستثمارات 3 مليارات دولار.
ومن جانبه قال الباحث الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأمريكية، الدكتورهاني جنينة، إن الحكومة تكثف جهودها أخيراً بهدف تنشيط وعودة الاستثمارات الأجنبية إلى السوق، بعد الإجراءات التي اتخذتها أخيراً بشأن توفير الدولار في البنوك، واعتماد سعر الصرف المرن.
وأضاف جنينه أن هناك بعض النشاط بأنواع الاستثمار الأجنبي المباشر وهو تأسيس شركة لأول مرة لغرض الاستثمار بمصر، موضحاً أن ذلك يقتصر حالياً على قطاع البترول والغاز باعتباره قطاعاً يتسم بالعقود الواضحة مع الهيئة العامة للبترول، إذ إنها تعطي المرونة في اللجوء للتحكيم الدولي حال حدوث أي خلافات.
وبين أن النوع الآخر من الاستثمارات الأجنبية بمصر هو إعادة استثمار أرباح الشركات الأجنبية العاملة بمصر وهو يظهر ضعفًا بالوقت الحالي، وأشار جنينة إلى أن هناك نوعاً ثالثاً من الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما يتوقع له الزخم بشكل قوي الفترة المقبلة، والذي يتم من خلال الاستحواذ على حصص تفوق الـ10 في المئة بشركات مطروحة للاكتتاب العام، خصوصاً الشركات التي تستطيع توليد أرباحها بالدولار وليس بالعملة المحلية كالموانئ وغيرها التي لها أنشطة تصديرية.
ولفت إلى أن قطاع الخدمات يعتبر أحد أهم القطاعات توفيراً لفرص الاستثمار في مصر حالياً، إذ يتجاوز قطاع التصنيع في الوقت الحالي، فلا يحتاج إلى أي مدخلات سوى العملة والطاقة.
وتوقع هاني جنينة عودة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المحلية في الربع الثاني من عام 2023، لكن بوتيرة محدودة، وذلك بفضل الإصلاحات التي اتخذتها مصر في ما يتعلق بمرونة سعر الصرف.