الدولار يسجل أطول سلسلة ارتفاعات منذ عقود فى البورصة العالمية
العلاقة القديمة بين الذهب والدولار لا تزال تؤثر في الأسواق حتى الآن، فالمتعارف عليه أن العلاقة بين الذهب والدولار علاقة عكسية، فحدوث ارتفاع في الدولار يعني هبوط الذهب والعكس صحيح، وهذا ما تشهده البورصة العالمية حاليًا، حيث سجل الدولار قفزات مستمرة على مدار الأيام الماضية مما أثر بالسلب على الذهب الذي انخفض للجلسة الثامنة على التوالي.
تراجع الذهب
استمرت أسعار الذهب في الهبوط خلال تداولات اليوم الأربعاء للجلسة الثامنة على التوالي، وذلك بعد أن فشلت في تكوين قاع سعري والتوقف عن الهبوط خلال جلسة الأمس، وذلك بسبب البيانات الأمريكية التي زادت من قوة الدولار الأمريكي وعوائد السندات الحكومية التي سجلت مستويات قياسية.
تتداول أسعار الذهب الفوري وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1822 دولار للأونصة بعد أن سجلت أدنى مستوى اليوم عند 1816 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد أن انخفض الذهب أمس بنسبة 0.3% وسجل أدنى مستوى منذ مارس الماضي عند 1815 دولار للأونصة ومنذ بداية الأسبوع انخفض الذهب بنسبة 1.4% ليفقد 26 دولار ليستكمل الهبوط القياسي الذي سجله خلال الأسبوع الماضي بنسبة 4% والذي فقد خلاله 77 دولار.
وحاول الذهب إيقاف الهبوط وتكوين قاع سعري عند هذه المناطق مستغل أخبار عن قيام البنك المركزي الياباني في التدخل بدعم الين في سوق العملات، بعد أن انخفض مقابل الدولار إلى 150 ين لكل دولار ليعمل هذا على الحد من مكاسب الدولار، ولكن سرعان ما انتهى تأثير هذا التحرك في أسواق العملات ليعود الدولار إلى الانتعاش مجدداً ليسجل أعلى مستوياته هذا العام متخطياً المستوى 107 وفقاً لمؤشر الدولار، وذلك بعد بيانات فرص العمل عن الاقتصاد الأمريكي خلال شهر أغسطس والتي أظهرت ارتفاع إلى 9.61 مليون وظيفة بأعلى من القراءة السابقة 8.92 مليون، وفق الرؤية التحليلية لجولد بيليون.
قفزة في مؤشر الدولار
وحقق مؤشر الدولار ارتفاع منذ بداية الأسبوع بنسبة 0.7% في طريقه إلى تسجيل ارتفاع للأسبوع الـ 12 على التوالي في أطول سلسلة ارتفاع له منذ عقود، يأتي هذا بدعم من التوقعات باستمرار أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت.
وساهم ارتفاع الدولار بشكل أساسي في دفع الذهب إلى استمرار الهبوط خلال تداولات الأمس، هذا بالإضافة إلى عوائد السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات التي ارتفعت وسجلت أعلى مستوى جديد منذ 2007 عند 4.884%.
ارتفاع عوائد السندات تزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الذهب كونه سلعة تسعر بالدولار.
تنتظر الأسواق اليوم بيانات أخرى هامة عن الاقتصاد الأمريكي، حيث يصدر مؤشر ADP لوظائف القطاع الخاص الأمريكي عن شهر سبتمبر ومن المتوقع أن يسجل 154 ألف وظيفة بأقل من القراءة السابقة 177 ألف وظيفة، كما يصدر مؤشر معهد التزويد لقطاع الخدمات عن شهر سبتمبر ومن المتوقع أن يظهر نمو قطاع الخدمات الأمريكي بقيمة 53.5 بأقل من النمو السابق عند 54.5.
يأتي هذا قبل صدور تقرير الوظائف الحكومي عن الولايات المتحدة يوم الجمعة المقبل، والذي يعد التقرير الأساسي والأهم لأداء قطاع العمالة، والذي يسهم في قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية بشكل أساسي.
صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب
تستمر صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب في المعاناة من خروج الاستثمارات بسبب تزايد الإقبال على أسواق السندات الحكومية التي تقدم عائد قياسية مقارنة مع الذهب الذي لا قدم عائد للمستثمرين وصندوق SPDR يعد أكبر صندوق استثمار مدعوم بالذهب في العالم أشار أن إجمالي حيازاته انخفضت بنسبة 0.2% يوم أمس الثلاثاء، كما شهد صندوق استثمار iShares التابع لشركة Blackrock العالمية خروج تدفقات هذا الأسبوع وصلت إلى 13 طن من الذهب.
وبهذا الأداء تقبل صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب على تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في حيازاتها منذ شهر يونيو الماضي. الأمر الذي يؤثر بالسلب على أسعار الذهب الفوري خاصة في ظل قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد السندات الحكومية.
على الرغم من الأداء السلبي المتوقع للذهب على المدى القصير، فإن النظرة الإجمالية للذهب تشير أن المعدن النفيس ظل صامداً بشكل جيد نسبياً في مواجهة ارتفاع عوائد السندات وقوة الدولار، بسبب الدعم الذي حصل عليه الذهب من مشتريات البنوك المركزية العالمية.
يبقى الطلب الاستثماري ضعيف على الذهب خلال الفترة الحالية ولكن الطلب الفعلي على الذهب يظل داعم أساسي للذهب، فقد ارتفع الطلب في الصين بشكل قوي دفع سعر الذهب المحلي في الصين إلى تخطي سعر الذهب في لندن ونيويورك بشكل كبير بعد أن ارتفعت المبيعات المحلية بنسبة 30% مقارنة مع العام الماضي.
السبب الرئيسي وراء تزايد الطلب من قبل الصين كان الانخفاض الكبير في قيمة عملتهم اليوان مقابل الدولار الأمر الذي دفع المواطنين إلى شراء الذهب كمخزن للقيمة ومجال مناسب للاستثمار في ظل تراجعات كبيرة في قيمة العملة المحلية.
إذا شاهدنا تراجع في الطلب المحلي في الصين على الذهب خلال الربع الرابع فإن هذا سيؤثر بشكل سلبي كبير على أسعار الذهب.
ولكن الربع الرابع من العام متوقع له أن يشهد أيضاً ارتفاع في الطلب من قبل الهند ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم وذلك بالتزامن مع مواسم ارتفاع الطلب على الذهب محلياً، الأمر الذي قد يعوض أي تراجع في الطلب على الذهب من قبل الصين خلال نفس الفترة، وبذلك يحافظ الذهب على نظرته المستقرة التي تميل إلى الارتفاع على المدى المتوسط إلى الطويل، بينما النظرة قصيرة الأجل بالنسبة للذهب تظل سلبية.