سيناريو الرعب.. هل تشعل روسيا فتيل الحرب العالمية الثالثة؟
بينما يتصاعد التوتر بين روسيا والغرب بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية، يتزايد الخطر الفعلي بشأن اندلاع حرب نووية، تزامنا مع تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أي تدخل أجنبي في أوكرانيا سوف يقابل بـ"سريع للغاية" من موسكو.
وذكرت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، في تقرير لها من لغة الخطاب والتهديد بين موسكو والغرب، باتت أكثر عدوانية بشكل ملحوظ هذا الأسبوع، ما يثير مخاوف جادة من احتمال حدوث مواجهة مباشرة بين المعسكرين.
وفي الأيام الماضية، أوقفت روسيا إمدادات الغاز عن دولتين أوروبيتين على الأقل، بولندا وبلغاريا، في حين يخشى الغرب من أن خطر اندلاع الحرب النووية بات حقيقيا للغاية.
احتمالات نشوب الحرب
حذرت وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، هذا الأسبوع، من أن التهديد باندلاع حرب نووية "لا يمكن التقليل من شأنه"، موضحا أن دعم حلف "الناتو" لأوكرانيا بالأسلحة، رقى إلى مستوى انخراط التحالف العسكري في حرب بالوكالة مع روسيا.
فيما ضاعف بوتين من خطابه العدائي تجاه الدول الغربية، مهددا برد انتقامي سريع، ضد أي دولة تتدخل في حرب أوكرانيا، وتتسبب في أي تهديد استراتيجي لروسيا.
وألمح الرئيس الروسي إلى ترسانة بلاده من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأسلحة النووية، عندما حذر من أن روسيا لديها "الأدوات اللازمة للرد الانتقامي .. وسنستخدمها إذا لزم الأمر".
ورغم تصاعد لغة التهديد من جانب الكرملين، يرى مراقبون إن فرصة نشوب حرب نووية، بعيدة المدى.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن صامويل راماني، المحلل الجيوسياسي والزميل المشارك في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة ، ”أعتقد أن الأمر خارج نطاق الاحتمالات في الوقت الحالي.. ستكون هناك حرب نووية أو حرب عالمية ثالثة تمتد حقا إلى خارج حدود أوكرانيا".
وأشار إلى إنه في حال امتداد النزاع خارج أوكرانيا، فستكون على الأرجح دولة مثل مولدوفا المعرضة للغزو الروسي.
وأوضح أن موسكو لديها تاريخ طويل في استخدام سياسة التهديد النووي، كوسيلة لمنع الغرب من اتباع استراتيجيات أمنية لا تلائمها، مع تصعيد الخطاب العدائي الذي يهدف إلى ردع أعضاء "الناتو"، للتوقف عن دعم أوكرانيا بأسلحة ثقيلة.
لكنه حذر من أن التهديد الذي تلوح به روسيا، يمكن أن يصبح أكثر حدة إذا "شعرت موسكو بالإهانة في ساحة المعركة"، مشيرا إلى أن استمرار الانتكاسات العسكرية لروسيا حتى 9 مايو، قد تشكل بعض الخطر، حيث يمثل هذا التاريخ عيد النصر، وذكرى هزيمة ألمانيا النازية على يد الاتحاد السوفيتي.
وتابع "بوتين لديه تاريخ من تصعيد لا يمكن التنبؤ به.. خاصة إذا شعر أن روسيا تتعرض للإهانة بطريقة ما.. وإذا كانت هناك خسائر كبيرة بحلول ذكرى النصر فهناك خطر حقيقي من اتخاذه إجراء تهور".
في حين قال ويليام ألبيركي، الخبير بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن التهديد بهجمات نووية جزء من "كتاب قواعد اللعبة" لبوتين.
وأضاف أن الرئيس الروسي "يستمتع بالتهديد باستخدام المخاطر.. ولديه رغبة أكبر في المخاطرة مقارنة بالغرب"، موضحا أنه يستخدم سياسة "الرعب" بما فيه الكفاية للخصم لكيف يتراجع.
وذكر أنه "في نهاية المطاف ، إذا استخدم بوتين الأسلحة النووية، ولو حتى ضربة استعراضية، فهذا من شأنه أن يحول روسيا إلى دولة منبوذة عالميا".
على جانب آخر، تسعى موسكو لإلحاق الضرر بالدول الأوروبية عن طريق واردات الغاز الطبيعي، حيث علقت الإمدادات إلى بولندا وبلغاريا لأنهما رفضتا دفع ثمن الغاز بالروبل.
ورغم أن المواجهة المباشرة بين روسيا والغرب لا تزال غير مرجحة، يرى محللون أن الحكومات الغربية بحاجة إلى إضفاء "عقلية الحرب" على شعوبها لإعدادهم للصعوبات التي قد يواجهونها مع استمرار التداعيات الاقتصادية للنزاع.
ويشمل ذلك، تكيف هذه الشعوب على ارتفاع تكاليف الطاقة وتعطل سلاسل التوريد والسلع من روسيا وأوكرانيا.
حرب طويلة الأمد
بعد أكثر من شهرين على بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، وسعت موسكو شرق وجنوب أوكرانيا، في محاولة لإنشاء جسر بري من روسيا عبر منطقة دونباس إلى أراضي شبه جزيرة القرم التي ضمتها إليها في 2014، لكنها تكبدت أيضًا خسائر كبيرة من حيث القوة البشرية والأسلحة.
وفي الوقت ذاته، يواصل التغرب تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، وتواصل القوات الأوكرانية مقاومة الهجوم الروسي، ما يشير إلى نزاع دموي طويل الأمد في المستقبل.
وسبق أن حذر رئيس حلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرج، من أن الحرب في أوكرانيا قد تستمر لعدة سنوات.
على جانب آخر، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية الجمعة، إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن هناك تهديدا باستخدام روسيا للأسلحة النووية، على الرغم من التصعيد الأخير في خطاب موسكو.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "نواصل مراقبة قدراتهم النووية كل يوم بأفضل ما نستطيع.. ولا نرى أن هناك تهديداً باستخدام أسلحة نووية ولا يوجد تهديد لأراضي حلف شمال الأطلسي".
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إنه لا يتوقع أن تدفع أي إخفاقات عسكرية روسية أخرى في أوكرانيا الرئيس بوتين إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية هناك، موضحا أن الرئيس الروسي لديه مجال للمناورة وإنهاء الصراع.
وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" وليام بيرنز، أكد في وقت سابق من هذا الشهر، أنه لا يمكن الاستخفاف بتهديد روسيا بأنها قد تستخدم أسلحة نووية تكتيكية أو منخفضة القوة في أوكرانيا.